منتديات القانون الجزائري


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات القانون الجزائري
منتديات القانون الجزائري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

التعديلات الدستورية و مساهمتها في احتواء الأزمات التي تشهدها بعض البلدان العربية

اذهب الى الأسفل

التعديلات الدستورية و مساهمتها في احتواء الأزمات التي تشهدها بعض البلدان العربية Empty التعديلات الدستورية و مساهمتها في احتواء الأزمات التي تشهدها بعض البلدان العربية

مُساهمة  algerianlawyer السبت أكتوبر 10, 2009 2:38 pm

جامعة ثليجي عمار الأغواط
كلية الحقوق و العلوم الاجتماعية
قسم الحقوق
الملتقى الدولي الثاني حول : التعديلات لدستورية في البلدان العربية

الأستاذ(ة): هوام الشيخة
معهد العلوم القانونية و الإدارية، المركز الجامعي الشيخ العربي التبسي ، تبسة
المحور المختار: التعديلات الدستورية و مساهمتها في احتواء الأزمات التي تشهدها بعض البلدان العربية .
عنوان المداخلة: التعديلات الدستورية في الجزائر: وسيلة لتجسيد الديمقراطية أم لحل الأزمات الوطنية .

مقدمــــة :
إن الصراع الأزلي الذي تعرفه البشرية هو ذلك القائم بين السلطة و الحرية ، فكان لابد من إيجاد وسيلة تضمن التوازن بين ما يتمتع به الحكام من سلطات و صلاحيات و ما يطالب به المحكومين من حريات، تجسدت هذه الوسيلة في الدستور .مهما تباينت طرق وضعه و شكله .
و عليه يمكن وضع تعرف للدستور:بأنه مجموع القواعد القانونية التي تبين شكل الدولة و نظام الحكم ، تنظيم السلطات و إقرار مجموعة الحقوق و الحريات للأفراد .
لذلك فإنه يشكل الضمانة الأولى لتحقيق دولة القانون ، فهو القاعدة الأسمى في النظام القانوني لأية دولة ، الشيء الذي يجعل تصرفات كل مؤسساتها مقيدة بمبادئه و لا يجوز المخالفة و إن حدث ذلك كان الجزاء هو الإلغاء عن طريق الرقابة على الدستورية أو الرقابة القضائية .
إلا أن مبدأ سمو القاعدة الدستورية لا ينفي إمكانية تعديلها . ذلك أن القواعد القانونية بصفة عامة تستمد مضمونها من مصدر مادي يتمثل في الظروف السياسية، الاقتصادية و الاجتماعية التي تعرفها الدولة في فترة ما، لذلك لابد من إلغاء النصوص القانونية القائمة أو تعديلها لتتماشى مع هذه الظروف.
إلا أن ما يميز التعديلات الدستورية أنها تكون في فترات زمنية متباعدة نوعا ما و يكون الهدف منها هو السعي لتجسيد مبادئ النظام الديمقراطي .
و المتتبع للنظام الدستوري الجزائري سيجد أن البلاد عرفت أربعة دساتير هي :
دستور 1963 ،دستور1976 ، دستور1989 و أخيرا دستور1996.
فالدستور الأول لم يطبق إلا لبضعة أيام و الثاني كان مشحونا بالإيديولوجية الاشتراكية، إلا أن الدستورين الأخيرين شكلا الانطلاقة الحقيقية لتجسيد دولة القانون و تكريس أكثرَ لمبادئ الديمقراطية .
لكن السؤال الذي يطرح : هل التعديلات الدستوري التي عرفها الدستور الجزائري هي لتحقيق الديمقراطية أم وسيلة لاحتواء الأزمات التي عرفتها البلاد ؟


و لعل الأسباب الدافعة لاختيار هذه المداخلة تتجسد فيما يأتي :
- إن عمر الدولة الجزائرية المستقلة يقارب 46 سنة و مع ذلك عرفت أربعة دساتير في حين أن دولا أخرى دساتيرها أكثر استقرارا و لا أبلغ من التدليل على ذلك الدستور الأمريكي الذي عرف 23 تعديلا منذ وضعه في القرن 18 .
- إن دستور 1989 كان بعد الأحداث الدامية التي عرفتها بعض ولايات الجزائر سنة 1988.
- إن دستور 1996 كان إثر الفراغ المؤسساتي الذي عرفته البلاد سنة 1992 .
وسعيا للإجابة على الإشكالية السابقة ولو بشكل موجز لابد من إتباع المنهج التاريخي و المنهج التحليلي إلى جانب المنهج المقارن في بعض الحالات .
على أن يتم إتباع الخطة التالية :
أولا : إجراءات تعديل الدستور في الجزائر .
ثانيا : مبررات التعديلات الدستورية .



أولا: إجراءات التعديل الدستوري
لقد سبق الإشارة إلى أن الميزة الأساسية للنصوص الدستورية هو سمو قواعدها مقارنة مع باقي النصوص القانونية ، الأمر الذي يفرض ضرورة مسايرة النصوص الأدنى لها من حيث المضمون ، كما أن النتيجة الثانية هو تميز النصوص الدستورية بنوع من الثبات ، إلا أن ذلك لا يعني جمودها المطلق و عدم قابليتها للتعديل لأن القول بعكس ذلك مرفوض لاعتبارين (1) .
الأول سياسي:
إن قواعد الدستور هي مرآة عاكسة لمجموع الظروف السياسية، الاقتصادية و الاجتماعية التي تعرفها الدولة، لذلك لابد أن يتم تعديل الدساتير حتى تساير التطور الذي يصيب تلك الظروف ، والقول بعدم إمكانية تعديلها يؤدي حتما إلى نشوب ثورات و انقلابات .
الثاني قانوني:
إن فكرة الجمود المطلق للدساتير لا يتماشى و فكرة السيادة التي تكون ملكا للشعب أو للأمة ، فعندما يقرر صاحب السيادة الجمود المطلق للدستور معنى ذلك أنه تنازل عن حقه في ممارسة التعديل إن رأى إلى ذلك سبيلا في المستقبل (2) و هذا ما خلص إليه الفقيه gettell أن الدستور و سيلة للتعبير عن إرادة سيادة الدولة لا قيد مفروض عليها .
و بالرجوع إلى الوثيقتين الدستوريتين محل الدراسة و هما دستور 1989و 1996 نجد أن المؤسس الدستوري الجزائري قد أخذ بفكرة الجمود النسبي ، بمعنى أنه يسمح بالتعديل لكن بموجب إجراءات أكثر تعقيدا من تلك المتبعة في وضع النصوص التشريعية تتمثل هذه الإجراءات فيما يلي:
1- مرحلة المبادرة :
بالرجوع إلى الباب الرابع من كلا الدستورين نجدهما قد حددا الجهة المكلفة باقتراح التعديل الدستوري :
- بالنسبة لدستور 1989 قصر حق المبادرة على رئيس الجمهورية و حده ، الأمر الذي يعني رجحان كفة السلطة التنفيذية على حساب السلطة التشريعية و هذا ما نصت عليه المادة 163 منه .
- أما دستور 1996 فقد تميز بديمقراطية أكثر إذ جعل السلطة التشريعية مخولة لاقتراح تعديل دستوري إن توفر نصاب ¾ أعضاء الغرفتين معا ، لكن هذه المبادرة لابد أن تمر على رئيس الجمهورية الذي له كامل السلطة التقديرية لقبوله أو رفضه .
2- إقرار التعديل بصفة ابتدائية :
خول المؤسس الدستوري في كلا الدستورين سلطة الإقرار الابتدائي للتعديل للسلطة التشريعية بالتصويت عليه حسب الإجراءات المتبعة في إقرار نص تشريعي طبقا للمادة 174 من دستور 1996 إلا أن المادة 163 من دستور أغفلت طريقة التصويت .
3- الإقرار النهائي للتعديل الدستوري :
لقد نهج كلا الدستورين ذات المنحى حيث جعل هذه السلطة مخولة إما للشعب أو للسلطة التشريعية :
- الشعب : الأصل العام أن الموافقة النهائية على التعديلات الدستورية ملك للشعب باعتباره صاحب السيادة يمارسها عن طريق الاستفتاء بموجب نص المادة 163 من دستور 1989 و المادة 174 من دستور 1996. فإن رفضه الشعب عد المشروع لاغيا .
- السلطة التشريعية : تنتقل سلطة الإقرار النهائي من الشعب إلى السلطة التشريعية بشرط ألا يمس التعديل الدستوري المبادئ العامة للمجتمع الجزائري ، حقوق الإنسان و المواطن و ألا يمس بالتوازنات الأساسية للسلطات و المؤسسات الدستورية . و تعتبر السلطة التشريعية موافقة على التعديل الدستوري إن وافقت عليه بأغلبية ¾ أصوات أعضائها(3) .






ثانيا: مبررات التعديلات الدستورية
سيتم التركيز في هذا الجزء من المداخلة على ذكر بعض التعديلات التي عرفها القانون الدستوري في الجزائر خاصة تلك التي احتواها دستوري 1989 و1996 .
لإبراز أن الدافع الرئيسي وراءها هو الأزمات التي عرفتها البلاد لا السعي إلى تحقيق الديمقراطية . يمكن إبراز ذلك من خلال النقاط التالية :
1- مبررات وضع دستور 23 فيفري 1989 : إن الأحداث التي عرفتها بعض ولايات الجزائر من الخامس إلى العاشر أكتوبر 1988 ، شكلت منعرجا هاما في الحياة السياسية للبلاد ، إذ على إثرها بادرت السلطة التنفيذية بتعديل دستوري في نوفمبر 1988 ثم إقرار دستور جديد في 23 فيفري 1989 تم فيه التخلي نهائيا عن مبادئ النظام الاشتراكي و إقرار مجموعة من المبادئ كان هدفها الأساسي امتصاص الغضب الشعبي يمكن أن نذكرها في النقاط التالية مركزين على الأهم منها فقط باعتبارها وسائل أدت إل تكريس الديمقراطية في الجزائر منها :
- الانتقال من نظام الحزب الواحد إلى التعددية الحزبية : منذ تأسيس الدولة الجزائرية لم تعترف بوجود أحزاب سياسية إلا حزب جبهة التحرير الوطني الذي كان يمثل الحزب الطلائعي (4) ، بحيث استحوذ عل كل الترشيحات سواء على مستوى رئاسة الجمهورية أ تشكيل الهيئة التشريعية أو المجالس المحلية .إلا أنه بإقرار دستور 1989 اعترف بحق الأفراد في تشكيل جمعيات ذات طابع سياسي بموجب المادة 40 منه و ترسخ هذا الحق بموجب المادة 42 من دستور 1996 .
فتكزن بذلك الجزائر قد خطت خطوة مهمة نحو نظام حكم ديمقراطي بالسماح لأفراد الشعب تشكيل جمعيات أو أحزاب سياسية وفق الشروط و القيود القانونية . لتعمل هذه الأحزاب على تقديم مرشحيها للانتخابات يختار منهم الشعب بكل حرية ممثلين لهم على مستوى كل مؤسسات الدولة . إذ أن أساس الديمقراطية في المجتمعات المعاصرة هو تناوب الأحزاب على الحكم(5) .
وعليه يبدو أن تبني نظام التعددية الحزبية من قبل المؤسس الدستوري الجزائري هدفه الوصول بالنظام السياسي الجزائري إلى الديمقراطية ، إلا أن الحقيقة أن هذا التعديل إنما جاء إثر الأحداث التي عرفتها الجزائر سنة 1988، التي كادت أن تتحول إلى حرب أهلية ، عندما خرج الشعب في مظاهرات للتعبير عن استيائهم من الأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية التي كانت تعيشها البلاد لتتم مواجهتهم عم طريق القمع و التقتيل إذ وصل عدد الضحايا إلى 500 قتيل .فلم يكن أمام رئيس الجمهورية آنذاك إلا أن يمتص الغضب الشعبي عن طريق دستور يوسع من دائرة الحقوق و الحريات و يضيق من دائرة اختصاص رئيس الجمهورية .
- إلغاء نظام التشريع بأوامر: من بين النقاط التي كانت تبرز تفوق السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية هو اعتراف دستور 1976 بسلطة رئيس الجمهورية التشريع بأوامر طبقا للمادة 154 منه . إلا أن الدستور المعلن عنه في سنة 1989 ألغى هذه الصلاحية و بذلك يكون هذا الدستور قد أعاد السيادة للسلطة التشريعية في المجال التشريعي ، و احتفظ لرئيس الجمهورية و نواب المجلس الشعبي الوطني بإمكانية استدعاء الهيئة التشريعية في دورة غير عادية .
- تأسيس المجلس الدستوري:
كما سبق الإشارة أن القواعد الدستورية تتميز بطابع السمو لذلك لابد من إيجاد هيئة تضمن لها هذه المرتبة ،و ذلك عن طريق المجلس الدستوري الذي أعلنت عنه المادة 153 من دستور 1989 بعد أن غابت الرقابة على دستورية القوانين في دستور 1976 . و با يكون المؤسس الدستوري قد وضع حجرا في أساس دولة القانون.
- إقرار المسؤولية السياسية للحكومة أمام المجلس الشعبي الوطني:
من بين النقاط التي أدت إلى تجسيد أكثر لمبادئ النظام الديمقراطي في الجزائر هو إقرار دستور 1989مبدأ المسؤولية السياسية لأعضاء الحكومة أمام الهيئة التشريعية باعتبارها تمثل الإرادة الشعبية.
2- مبررات التعديل الدستوري لسنة 1996 و ما تلاها:
رغم ما حققه دستور 1989 من زيادة في الحقوق و الحريات للأفراد و إنقاص من صلاحيات رئيس الجمهورية و إلغاء هيمنة الحزب الواحد على الحياة السياسية في الجزائر بفسح المجال لظهور الأحزاب الأخرى ، استطاعت أن تصل إلى الانتخابات المحلية التعددية الأولى سنة 1990 التي أسفرت عن فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ الحزب المنحل ، ثم انتخابات تشريعية في دورها الأول بتاريخ 26 ديسمبر 1991 و كانت النتيجة نفسه و هي فوز الحزب ذاته بـ 188 مقعد من أصل 430 (6) . الذي أصبح يطالب بانتخابات رئاسية مسبقة بعد الدور الثاني للانتخابات .
إلا أن الأوضاع السياسية في البلاد كانت تسير نحو التدهور حيث بادر رئيس الجمهورية بحل المجلس الشعبي الوطني الذي انتهت عهدته في 30 ديسمبر 1991 ثم قدم استقالته في 10 جانفي 1992. ليجتمع المجلس الدستوري و يقر أن دستور 1989 لم يحتو على نص يبين الهيئة المكلفة برئاسة الدولة حينما يقترن شغور منصب رئاسة الجمهورية بسبب الاستقالة مع شغور المجلس الشعبي الوطني بسبب الحل ، ليعلن بذلك حالة الفراغ الدستوري (7) . و حتى لا تظل البلاد دون مؤسسات قام المجلس الأعلى للأمن ( وهو هيئة استشارية ) بإنشاء هيئة أسند إليها مهمة رئاسة الدولة هي : المجلس الأعلى للدولة، ليليها فيما بعد إعداد أرضية الوفاق الوطني .
إلا أن الأوضاع لم تبقى على ذلك الحال إذ سرعان ما تم الرجوع إلى المسار الانتخابي من جديد . وكان أهم موعد انتخابي هو الاستفتاء الشعبي يوم 28 نوفمبر 1996 من أجل التعديل الدستوري . الذي تضمن تنظيما جديدا للسلطات .
ولعل السمة الرئيسية التي تميز بها هذا الدستور و التي تغلب فرضية أنه جاء لحل أزمة وطنية هو مجلس الأمة ، الغرفة الثانية في السلطة التشريعية . كما عرف هذا الدستور تعديلا آخر سنة 2002 بدسترة اللغة الأمازيغية ، هذا التعديل الذي لم يكن إلا بعد أحداث منطقة القبائل ، وهي نقطة أخرى تحسب لفرضية أن التعديل وسيلة لاحتواء أزمات وطنية.ولعل المثال الأخير الذي سنعالجه في ظل دستور 1996 لحساب ذات الفرضية هو التعديل المرتقب فيما يتعلق بالعهدة الرئاسية .
- إحداث الغرفة الثانية في السلطة التشريعية : سبق الإشارة أن أبرز التعديلات التي جاء بها دستور 1996 هو تبني نظام الازدواجية على مستوى السلطة التشريعية ، بإنشاء مجلس أصطلح على تسميته مجلس الأمة بموجب أحكام المادة 98 منه .
و بالرجوع إلى الأنظمة الدستورية المقارنة نجد أن سبب وجود الغرفة الثانية في السلطة التشريعية هو إما :
-تمثيل الدويلات الداخلة في الإتحاد في الدول ذات الشكل الفيدرالي كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية منذ 1787 (Cool .
-أو تمثيل الطبقة الأرستقراطية كما هو الحال في إنجلترا حيث كان مجلس اللوردات هو السباق في الظهور (9) .
إلا أنه إذا سرنا على فرض أن الغرفة الثانية في الدستور الجزائري جاءت لتجسيد مبدأ الفصل بين السلطات و تدعيم الديمقراطية إلا انه يؤخذ عليها النقائص التالية :
- تقليص دورها في العملية التشريعية :
إذ لم يمنحها الدستور حق المبادرة بالقوانين و إنما قصر هذا الدور على الغرفة الأولى إلى جانب الحكومة طبقا للمادة 119 من الدستور . كما أن دورها يقتصر على مناقشة القوانين وفق الشكل الذي وافق عليه المجلس الشعبي الوطني دون أن يكون لها حق التعديل . إلا أنه لا يجب أن ننسى أن مجلس الأمة له حق التعديل فقط في إطار اللجنة متساوية الأعضاء عند وضع اقتراح يتعلق بالأحكام محل الخلاف بموجب المادة 120/4 من الدستور . و هذا ما جاء في رأي المجلس الدستوري رقم 04/98 المؤرخ في 10 فيفري 98 يتعلق بمراقبة مطابقة النظام الداخلي لمجلس الأمة للدستور .
-تقليص دورها في العملية الرقابية على نشاط الحكومة :
فقد خص المؤسس الدستوري المجلس الشعبي الوطني بسلطة مناقشة برنامج الحكومة و إمكانية رفضه ، أما مجلس الأمة فله فقط إمكانية إصدار لائحة . كما أن بيان السياسة العامة للحكومة يعرض على المجلس الشعبي الوطني الذي له منح الموافقة على استمرار الحكومة في نشاطها أو يسحب منها الثقة، واحتفظ المؤسس الدستوري لمجلس الأمة بإمكانية أن تعرض عليها بيان السياسة العامة طبقا للمادة 84 فقرة 5 .
بهذا نصل أن مجلس الأمة في الدستور الجزائري قد جاء لتفادي إمكانية وقوع الجزائر في أزمة دستورية و مؤسساتية مرة ثانية و ما يؤيد هذا الطرح ما يلي :
· مدة عهدة الغرفة الثانية هي ستة سنوات أي بفارق سنة عن عهدة الغرفة الأولى .
· عدم قابليتها للحل من قبل رئيس لجمهورية أي أنها تظل موجودة في كل الاحتمالات.
· إن النصاب المشترط للتصويت فيها هو أغلبية ¾ أعضائها الشيء الذي يضمن ضرورة موافقة 3/1 الرئاسي الذي يكون في منأى عن تأثير المصالح الانتخابية الوقتية، كما أنه تشكل أداة لعقلنة التشريع .
- دسترة اللغة الأمازيغية:إن النقطة الأخرى التي يبرز من خلالها أن التعديل الدستوري في الجزائر يكون نتيجة أزمات وطنية تجبر السلطة التنفيذية على اللجوء إليه من أجل السيطرة على الوضع هو إضافة المادة 03 مكرر من دستور 1996 التي جعلت الأمازيغية لغة وطنية كذلك .
و بالرجوع إلى الأحداث التي سبقت التعديل نجد ما يلي:
- أن السيد رئيس الجمهورية بوتفليقة قد أقر في تجمع رسمي سابق و أمام مئات الأمازيغ في منطقة تيزي وزو بكل تحد أن الأمازيغية لن تكون أبدا في يوم ما لا لغة وطنية و لا رسمية . إلا أنه بعد الأحداث التي عرفتها منطقة القبائل إثر قتل الشاب ماسينيسا على يد أحد الدركيين و المطالب المستمرة لحركة العروش باستعادة مكانة اللغة الأمازيغية كلغة وطنية و تدريسها في المنهاج ،تراجع الرئيس عن موقفه و عدل الدستور بإدراج الأمازيغية كلغة وطنية دون أن يلجأ إلى الاستفتاء الشعبي .
وتجدر الإشارة في هذا الموضع أن التعديل الذي كان سنة 2002 لم يكن إلا نتيجة تحركات الأمازيغ من الفترة الاستعمارية . إذ عملت فرنسا على تغذية روح التمييز بين الأمازيغ و العرب وتنمية الرغبة الانفصالية لدى فئة لا يتجاوز تعداداها 15 بالمائة من مجموع سكان الجزائر . و استمرت الأوضاع في الاحتقان إلى أن خرج الأمازيغ في مظاهرات عارمة في الجزائر العاصمة في 14 جوان 2001 طالبو عندها بـ:
· إخراج الشرطة و الدرك من منطقة القبائل .
· الانفصال عن الدولة الجزائرية لدرجة رفعهم علما خاصا بهم.
· المطالبة بتعويض ضحايا المظاهرات .
و استمر عمل القبائل في شكل حركة العروش لتنتهي هذه الضغوطات بإعلان تعديل دستوري يجعل اللغة الأمازيغية إن صلح عليها هذا الوصف في نطاق اللغة الوطنية .
و عليه نصل إلى أن هذا التعديل كان من أجل احتواء بذور أزمة كانت يمكن أن تؤدي إلى حرب انفصالية إن لم نبالغ في الأمر .
ومع ذلك لابد من الإشارة أن هذا التعديل كان لابد أن يمر على الاستفتاء الشعبي.إذ أن دستور 1996 في المادة 176 يقر أن المجلس الدستوري يمكن أن يقرر عدم اللجوء إلى الاستفتاء الشعبي إن كان التعديل لا يمس بالمبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري .
و بالرجوع إلى الباب الأول من هذا الدستور نجد في المادة 3 : " اللغة العربية هي اللغة الوطنية و الرسمية " و مع ذلك أقر المجلس الدستوري في رأيه رقم 1 المؤرخ في 3 أفريل 2002 المتعلق بمشروع تعديل الدستور : " ...-اعتبارا أن دسترة تمازيغت لغة وطنية بكل تنوعاتها اللسانية المستعملة عبر التراب الوطني لا تمس بالمركز الدستوري للغة العربية باعتبارها اللغة الوطنية و الرسمية " .
ولعل السبب الرئيسي في عدم اللجوء إلى الاستفتاء الشعبي يرجع إلى أن الاحتمال الأكبر هو إمكانية ر فض دسترة تمازيغت بالنظر إلى تعداد العرب في الجزائر .
-التعديل المرتقب لدستور 1996: ( إلغاء قيد العهدتين في الانتخابات الرئاسية )
من المبادئ العامة التي تحكم الدولة الجزائرية هو تبني التنظيم الديمقراطي وهذا ما نصت عليه المادة 14 من دستور 1996 . و من أبرز صور الديمقراطية و آليات تجسيدها هو مبدأ التداول على السلطة أي أن رئيس الجمهورية ( وكل الهيئات المنتخبة ) لا يظل في منصبه طيلة حياته و إنما تنتهي مهامه بانتهاء العهدة . كما تفرض كل الأنظمة الديمقراطية عددا معينا من العهدات غالبا ما يكون اثنين . وهذا ما انتهجه المؤسس الدستوري في المادة 74 .
ويحمد المؤسس الدستوري على هذا الموقف الذي يعد وسيلة للقضاء على نظام الملكية في الأنظمة الجمهورية إن صح التعبير . فكل دول العالم الثالث خاصة العربية منها التي لا تأخذ بنظام تحديد عدد عهدات رئيس الجمهوري تظل تعرف رئيسا واحدا لفترة طويلة كما هو الحال في مصر ، تونس ، ليبيا و الأمثلة عل ذلك كثيرة .
إلا أنه في الآونة الأخيرة خاصة اقتراب انتهاء عهدة الرئيس الحالي في الجزائر تعالت الأصوات سواء داخل السلطة التنفيذية أو من ممثلي المجتمع المدني و بعض الأحزاب تنادي بضرورة تعديل الدستور من أجل السماح لرئيس الجمهورية الحالي الترشح لعهدة ثالثة فنكون بذلك خسرنا : - مبدأ التداول على السلطة
- المكانة السامية للدستور .
لأنه بهذا المنطق سيكون الدستور عرضة للتعديل حسب أهواء السلطة الحاكمة و تنفيذا لطموحاتها السياسية.
فهنا يبرز أن التعديل المرتقب لن يكون خدمة للديمقراطية في الجزائر و إنما وسيلة لتكريس سلطات واسعة بيد رئيس الجمهورية .
و قد نشر في احد المواقع ( شبكة الأخبار العربية يوم 7 أفريل2008) على لسان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة :"إن عملا كثيرا مازال ينتظره من أجل محو آثار الأزمة الجزائرية "
و ما يمكن أن يدعم فكرة قبول التعديل المرتقب أن الرئيس الحالي هو من أخرج الجزائر من العشرية السوداء.


و بهذا القدر أكون قد أوردت نماذجا لبعض التعديلات التي أوضحت من خلالها أن الدافع الجوهري وراءها هو حل أزمة وطنية.





قائمة الهوامش و المراجع

(1) إبراهيم عبد العزيز شيحا،المبادئ الدستورية العامة ،منشأة المعارف، الإسكندرية ، طبعة 2006 ،ص144-145.
(2) محمد علي محمد ،علي عبد المعطي محمد ،السياسة بين النظرية و التطبيق ، دار النهضة العربية ،بيروت ، ص299 .
(3) المادة 164من دستور 1989 و المادة 176 من دستور 1996.
(4) المادة 94 و95 من دستور 1976.
(5) إسماعيل علي سعد ،دراسات في العلوم السياسية الطبعة الأولى ،دار المعرفة الجامعية ،2002 ،ص341 .
(6) عمر برامه ،الجزائر في المرحلة الإنتقالية (أحداث و مواقف) ،دار الهدى الجزائر ،ص28 .
(7) أصديق فوزي ،النظام الدستوري الجزائري و وسائل التعبير المؤسساتي ،ديوان المطبوعات الجامعية ،ص24 .
(Cool مسعود شيهوب ،نظام الغرفتين البرلماني (نشأة و تطور) ،مجلة الفكر البرلماني العدد الأول ،ص12-13 .
(9) لمين شريط ،واقع البيكاميرالية في العالم و مكانة التجربة الجزائرية فيها ،مجلة الفكر البرلماني ،العدد الأول ،ص21.

algerianlawyer
عضو نشط
عضو نشط

المساهمات : 195
تاريخ التسجيل : 10/10/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى