فن المرافعة
صفحة 1 من اصل 1
فن المرافعة
المرافعة فنا و علما
الأستاد عمران محمد بورويس المحامي
تمهيد:
الحديث عن المرافعة تستدعي منا أن نعرج على مهنة المحاماة في لمحة تاريخية موجزة كتمهيد لهذا الموضوع.
حيث تعتبر المحاماة من أقدم المهن التي عرفها الانسان،فهي قديمة جدا و إن لم تكن معروفة بهذا الاسم ،فقد جاءت نتيجة لتطور فن و علم الخطابة لدى الاغريق ،فهي وثيقة الصلة بالخطابة مند نشوئها و ما تزال.
و لذلك قيل بأن''أثينا هي مدرسة المحاماة الأولى'' ولذلك يمكن لنا أن نقول بأنها –آي المحاماة- نمت في أحضان الحرية و الديمقراطية و ترعرت معها وقد وصفها فو لتير بأنها أسمى مهمة في الوجود ،و وصفها اهرنج بأنها ''وظيفة في خدمة المجتمع'' فقد كان أفلاطون خطيبا وله مؤلف عن الخطابة قام بترجمته إلى العربية المرحوم أ.د.عبد الرحمن بدوي ،وكان إختيار المدافع بالمحاكم الشعبية هي نواة نشوء مهنة المحاماة عند الاغريق .
والمقصود هنا بالمحاماة ،المحاماة الحقة ،المحاماة الرسالة ،مهنة النجدة و المروءة و الجرأة في قول الحق و الشجاعة في مقارعة الظلم و الفساد
-وقد برز تعبير أو اصطلاح المحامي و المحاماة في عهد الامبراطور الروماني جوستنيان عام 527 بعد الميلاد ،وبلاطلاع على مدونة جوستنيان في الفقه الروماني التي نقلها إلى العربية المرحوم أ-عبد العزيز فهمي نجد أنه ورد ببابها العاشر من كتابها الرابع عنوان 'الاستنابه في التقاضي'،كما تضمنت أيضا بعض القواعد منها القاعدة رقم 26 التي تقرر بأن''مهمة الدفاع جديرة بكل ثناء... أنها من ضرورات الاجتماع و القائمون بها يجب مكافئتهم بكل سخاء"
صور المحاماة عند العرب :
كانت القبائل العربية تستعين في حل منازعاتهم فيما بين أفراد القبيلة الواحدة ،أو فيما بين القبائل ،بما يرونه أقدر وأبلغ في عرضوجهة النظر و الدفاع عنها ،و كان يسمى ''حجاجا أو حجيجا'' آي قوي الحجة و كانت الصيغة المتعارف عليها عندهم هي أن يقال للرجل ''وضعت لساني في فمك لتحاجج عني ''أو الفلان حجاج عني'' و كان شعراء القبائل العربية ألسنة الناس و محاميهم لأن المحاماة القديمة أعتمدت على الخطابة في أداء مهمتها و المرافعة هي فن و علم ،فن أولا و علم ثانيا.
فالمرافعة بالنسبة لمهنة المحاماة تنقسم إلى قسمين رئيسيين:
1-المرافعة الشفهية إن هي إلا خطة قضائية
2-المرافعة التحريرية ،آي المذكرات ،مذكرات الدفاع
و هو المعمول به بالمحاكم الوطنية و الدولية (ومنها محكمة العدل الدولية بلاهاي، حيث قسمت لائختها الداخلية ،المرافعات امامها إلى مذكرات مكتوبة أو لايقدمها الخصوم في مواعيد محددة ثم المرافعات الشفهية حيث تختم بها إجراءات الدعوى المنظورة أمامها أو الرآي الاستشاري نو المرافعات التحريرية ىي مذكرات الدفاع هي أيضا فن و علم و هي لغة كتابة لا لغة حديث أو مخاطبة ،و نجد بالحياة العملية زملاء لنا يجيدون و يبدعون في المرافعات الشفهية و المذكرات المكتوبة معا،و قد نجد زملاء لنا يجيدون و يبدعون في المرافعات الشفهية وحدها وآخرين تخصصوا في اعداد المذكرات (المرافعات) المكتوبة و كلاهما من متطلبات مهنة المحاماة.
كما يقتضي الحديث عن المرافعة فنا و علما ،أن نتطرق بإيجاز عن فن الالقاء و الخطابة القضائية وهو فن النطق بالكلام على صورة توضح ألفاظه و معانيه ،و توضيح اللفظ يتأثر بدراسة الحروف الأبجدية في مخارجها و صفاتها وكل ما يتعلق بها لتخرج من فم سليمة كاملة لا تلبس منها حرف بحرف وتوضيح المعني ،يتأتى بدراسة الصوت الانساني في معادنه و طبقاته دراسة موسيقية تتيح للدراس أن ينغمه بما يناسب المعني فتبدو المعاني واضحة مبنية جميلة الوقع على اذان السامعين و الأصول الأولى للإلقاء لدى الشعب الاغريق القديم،و في أوساط القرن الأول الهجري (المقابل ما بعد منتصف القرن السابع الميلادي) وضع' القرآء العرب' قواعد النطق التي تناولوا فيها الحروف الأبجدية العربية فحددوا مخارجها من الجوف و الحلق و اللهاء و اللسان و الشفتين و الخيشوم و قدروا الكلام ابتداءا ووقفا.
و كانت هذه القواعد حدثا بارزا في تاريخ ''علوم اللغة'' لم يسبق لاي من الأمم الأخرى أن فكرت في وضع قواعد للنطق.
و الواقع أن العرب المسلمين لجؤوا إلى التفكير في النطق بعد نزول كتاب المقدس القرآن الكريم على نبينا محمد صلى اللهعليه و سلم،ثم أخدت عنهم شعوب الأرض من بعد،وهذه صورة من صور تفاعل الحضارات و مساهمة كل حضارة في نتاج الحضارة الانسانية ،و يمكن إيجاز عناصر المرافعة الجيدة فيما يلي شفهية أو تحريرية:
1)دراسة ملف القضية /الدعوى دراسة وافية من حيث الوقائع ومن حيث القانون وصولا إلى التكييف القانوني السليم و الصحيح ،و باعتبار أن المحامي هو قاضي الدعوى الأول،و إن كانت الصورة الغالبة للمرافعات الشفهية تجد مجالها الأوسع في القضاء الجنائي إلا أن القضاء المدني و التجاري و الاداري والشرعي يتسع أيضا لفن المرافعة.
2)لغة المرافعة الشفاهية هي لغة حديث و خطابة،و لغة المرافعة التحريرية أو المذكرات هي لغة الكتابة.
3)افتتاح الرافعة يكون بمقدمة مثيرة و قصيرة و دبلوماسية.
4)لاتستشير هيئة المحكمة ولا تغضبها ،فردا كان أو هيئة،و لا تستشير النيابة بدون مبررنو أختر من الكلمات اللغة العربية و مفرداتها الغنية و معانيها المتنوعة ما ينطبق على ما تريد قوله،دون تجريح،و ذلك لا يعني التدلل أو التملق فكرامة المهنة و كرامة المحامي المترافع يتعين الحرص عليها.
5)المرافعة تحتاج إلى البلاغة و الفصاحة و الثقافة العامة و القانونية في إظهار وجه الحق في الدعوى ،و يستحسن الاسقيتعانة باللهجة العامية لتوضيح الفكرة والمعني و لكسر الجمود ...بما يناسب المقال و القام بطبيعة الحال.
6)وقار المحامي و إحترامه للمنصة والنيابة العامة و لزملائه الاخرين المرافعين عن بقية الخصوم ،وحسن مخاطبتهم...وعفة اللسان و القلم، يضيف على مرافعة المحامي ههيبة و جلالا و احتراما له و للمهنة.
7)المرافعة ليست معركة بين المحامي و القاضي و المحامين الآخرين أو النيابة العامة،بل هي مباراة أو مبارزة شريفة في محرب العدالة... سلاحها قوة البيان و الصحة و التدليل المنطقي... وتحتاج إلى الحنكة الحكمة و الفطنة.
الالقاء الجيد يخدم المرافعة الجيدة،بالنسبة للمرافعة الشفهية،و من قواعد الإلقاء الجيد مايلي:
أ-جهارة الصوت و قوته ولانقصد الصوت المزعج او الصراخ
ب-حسن مخارج الألفاظ وتميز أو تمييز أجزاء الكلمة
ج-تلوين الصوت و تكييفه
د-استعمال الاشارات الدالة
ه-تغيير طبقات الصوت و تغيير معدل سرعتهنو توقفه حينا
و-وكثيرا ما يكون التمثيل مكملا لصناعة المحاماة و فنها و الغير مبالغ فيه طبعا.
9)المرافعة جرأة في القول،فإظهار الحق يحتاج غلى الشجاعة الأدبية.
10)و أخيرا العمل بالحكمة المنقوشة بأعلى الجدرات المحكمة العليا بروما ،لتذكر المحامين المترافعين ،و المكونة من أربع كلمات "خلال الثرثرة تضيع الحقيقة"
دام التواصل..
الأستاد عمران محمد بورويس المحامي
تمهيد:
الحديث عن المرافعة تستدعي منا أن نعرج على مهنة المحاماة في لمحة تاريخية موجزة كتمهيد لهذا الموضوع.
حيث تعتبر المحاماة من أقدم المهن التي عرفها الانسان،فهي قديمة جدا و إن لم تكن معروفة بهذا الاسم ،فقد جاءت نتيجة لتطور فن و علم الخطابة لدى الاغريق ،فهي وثيقة الصلة بالخطابة مند نشوئها و ما تزال.
و لذلك قيل بأن''أثينا هي مدرسة المحاماة الأولى'' ولذلك يمكن لنا أن نقول بأنها –آي المحاماة- نمت في أحضان الحرية و الديمقراطية و ترعرت معها وقد وصفها فو لتير بأنها أسمى مهمة في الوجود ،و وصفها اهرنج بأنها ''وظيفة في خدمة المجتمع'' فقد كان أفلاطون خطيبا وله مؤلف عن الخطابة قام بترجمته إلى العربية المرحوم أ.د.عبد الرحمن بدوي ،وكان إختيار المدافع بالمحاكم الشعبية هي نواة نشوء مهنة المحاماة عند الاغريق .
والمقصود هنا بالمحاماة ،المحاماة الحقة ،المحاماة الرسالة ،مهنة النجدة و المروءة و الجرأة في قول الحق و الشجاعة في مقارعة الظلم و الفساد
-وقد برز تعبير أو اصطلاح المحامي و المحاماة في عهد الامبراطور الروماني جوستنيان عام 527 بعد الميلاد ،وبلاطلاع على مدونة جوستنيان في الفقه الروماني التي نقلها إلى العربية المرحوم أ-عبد العزيز فهمي نجد أنه ورد ببابها العاشر من كتابها الرابع عنوان 'الاستنابه في التقاضي'،كما تضمنت أيضا بعض القواعد منها القاعدة رقم 26 التي تقرر بأن''مهمة الدفاع جديرة بكل ثناء... أنها من ضرورات الاجتماع و القائمون بها يجب مكافئتهم بكل سخاء"
صور المحاماة عند العرب :
كانت القبائل العربية تستعين في حل منازعاتهم فيما بين أفراد القبيلة الواحدة ،أو فيما بين القبائل ،بما يرونه أقدر وأبلغ في عرضوجهة النظر و الدفاع عنها ،و كان يسمى ''حجاجا أو حجيجا'' آي قوي الحجة و كانت الصيغة المتعارف عليها عندهم هي أن يقال للرجل ''وضعت لساني في فمك لتحاجج عني ''أو الفلان حجاج عني'' و كان شعراء القبائل العربية ألسنة الناس و محاميهم لأن المحاماة القديمة أعتمدت على الخطابة في أداء مهمتها و المرافعة هي فن و علم ،فن أولا و علم ثانيا.
فالمرافعة بالنسبة لمهنة المحاماة تنقسم إلى قسمين رئيسيين:
1-المرافعة الشفهية إن هي إلا خطة قضائية
2-المرافعة التحريرية ،آي المذكرات ،مذكرات الدفاع
و هو المعمول به بالمحاكم الوطنية و الدولية (ومنها محكمة العدل الدولية بلاهاي، حيث قسمت لائختها الداخلية ،المرافعات امامها إلى مذكرات مكتوبة أو لايقدمها الخصوم في مواعيد محددة ثم المرافعات الشفهية حيث تختم بها إجراءات الدعوى المنظورة أمامها أو الرآي الاستشاري نو المرافعات التحريرية ىي مذكرات الدفاع هي أيضا فن و علم و هي لغة كتابة لا لغة حديث أو مخاطبة ،و نجد بالحياة العملية زملاء لنا يجيدون و يبدعون في المرافعات الشفهية و المذكرات المكتوبة معا،و قد نجد زملاء لنا يجيدون و يبدعون في المرافعات الشفهية وحدها وآخرين تخصصوا في اعداد المذكرات (المرافعات) المكتوبة و كلاهما من متطلبات مهنة المحاماة.
كما يقتضي الحديث عن المرافعة فنا و علما ،أن نتطرق بإيجاز عن فن الالقاء و الخطابة القضائية وهو فن النطق بالكلام على صورة توضح ألفاظه و معانيه ،و توضيح اللفظ يتأثر بدراسة الحروف الأبجدية في مخارجها و صفاتها وكل ما يتعلق بها لتخرج من فم سليمة كاملة لا تلبس منها حرف بحرف وتوضيح المعني ،يتأتى بدراسة الصوت الانساني في معادنه و طبقاته دراسة موسيقية تتيح للدراس أن ينغمه بما يناسب المعني فتبدو المعاني واضحة مبنية جميلة الوقع على اذان السامعين و الأصول الأولى للإلقاء لدى الشعب الاغريق القديم،و في أوساط القرن الأول الهجري (المقابل ما بعد منتصف القرن السابع الميلادي) وضع' القرآء العرب' قواعد النطق التي تناولوا فيها الحروف الأبجدية العربية فحددوا مخارجها من الجوف و الحلق و اللهاء و اللسان و الشفتين و الخيشوم و قدروا الكلام ابتداءا ووقفا.
و كانت هذه القواعد حدثا بارزا في تاريخ ''علوم اللغة'' لم يسبق لاي من الأمم الأخرى أن فكرت في وضع قواعد للنطق.
و الواقع أن العرب المسلمين لجؤوا إلى التفكير في النطق بعد نزول كتاب المقدس القرآن الكريم على نبينا محمد صلى اللهعليه و سلم،ثم أخدت عنهم شعوب الأرض من بعد،وهذه صورة من صور تفاعل الحضارات و مساهمة كل حضارة في نتاج الحضارة الانسانية ،و يمكن إيجاز عناصر المرافعة الجيدة فيما يلي شفهية أو تحريرية:
1)دراسة ملف القضية /الدعوى دراسة وافية من حيث الوقائع ومن حيث القانون وصولا إلى التكييف القانوني السليم و الصحيح ،و باعتبار أن المحامي هو قاضي الدعوى الأول،و إن كانت الصورة الغالبة للمرافعات الشفهية تجد مجالها الأوسع في القضاء الجنائي إلا أن القضاء المدني و التجاري و الاداري والشرعي يتسع أيضا لفن المرافعة.
2)لغة المرافعة الشفاهية هي لغة حديث و خطابة،و لغة المرافعة التحريرية أو المذكرات هي لغة الكتابة.
3)افتتاح الرافعة يكون بمقدمة مثيرة و قصيرة و دبلوماسية.
4)لاتستشير هيئة المحكمة ولا تغضبها ،فردا كان أو هيئة،و لا تستشير النيابة بدون مبررنو أختر من الكلمات اللغة العربية و مفرداتها الغنية و معانيها المتنوعة ما ينطبق على ما تريد قوله،دون تجريح،و ذلك لا يعني التدلل أو التملق فكرامة المهنة و كرامة المحامي المترافع يتعين الحرص عليها.
5)المرافعة تحتاج إلى البلاغة و الفصاحة و الثقافة العامة و القانونية في إظهار وجه الحق في الدعوى ،و يستحسن الاسقيتعانة باللهجة العامية لتوضيح الفكرة والمعني و لكسر الجمود ...بما يناسب المقال و القام بطبيعة الحال.
6)وقار المحامي و إحترامه للمنصة والنيابة العامة و لزملائه الاخرين المرافعين عن بقية الخصوم ،وحسن مخاطبتهم...وعفة اللسان و القلم، يضيف على مرافعة المحامي ههيبة و جلالا و احتراما له و للمهنة.
7)المرافعة ليست معركة بين المحامي و القاضي و المحامين الآخرين أو النيابة العامة،بل هي مباراة أو مبارزة شريفة في محرب العدالة... سلاحها قوة البيان و الصحة و التدليل المنطقي... وتحتاج إلى الحنكة الحكمة و الفطنة.
الالقاء الجيد يخدم المرافعة الجيدة،بالنسبة للمرافعة الشفهية،و من قواعد الإلقاء الجيد مايلي:
أ-جهارة الصوت و قوته ولانقصد الصوت المزعج او الصراخ
ب-حسن مخارج الألفاظ وتميز أو تمييز أجزاء الكلمة
ج-تلوين الصوت و تكييفه
د-استعمال الاشارات الدالة
ه-تغيير طبقات الصوت و تغيير معدل سرعتهنو توقفه حينا
و-وكثيرا ما يكون التمثيل مكملا لصناعة المحاماة و فنها و الغير مبالغ فيه طبعا.
9)المرافعة جرأة في القول،فإظهار الحق يحتاج غلى الشجاعة الأدبية.
10)و أخيرا العمل بالحكمة المنقوشة بأعلى الجدرات المحكمة العليا بروما ،لتذكر المحامين المترافعين ،و المكونة من أربع كلمات "خلال الثرثرة تضيع الحقيقة"
دام التواصل..
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى