العوامل الإنتاجية
صفحة 1 من اصل 1
العوامل الإنتاجية
أولاً : العوامل الإنتاجية
تتنوع عوامل الإنتاج فهناك عامل الأرض، والعمل ورأس المال والتنظيم. وأن كان البعض ينتقد هذا التقسيم الرباعي لعوامل الإنتاج. وذلك للأسباب التالية :
عدم التجانس في كل عامل من عوامل الإنتاج، فالعمل ليس نوعاً واحداً، والأرض ليست على درجة واحدة من الخصوبة، ورأس المال لا يتضمن نوعاً واحداً من الآلات والأدوات.
صعوبة التفرقة بين الأرض ورأس المال.
عدم وجود فارق جوهرى بين العمل والتنظيم.
ويضم الفقه الحديث الأرض إلى رأس المال. وهكذا يكون تقسيم عوامل الإنتاج ثلاثياً (العمل – رأس المال – التنظيم) وقد أضيف العامل الأخير لإبراز أهمية دور المنظم في العملية الإنتاجية.
أولاً : العمل :
أ) المقصود بالعمل كعامل إنتاجي :
يقصد بالعمل في هذا المقام العمل الإنساني الذي يمثل جهدا بشريا عضليا أو ذهنيا فلا يدخل فيه عمل الآلات. ويتوقف دور العمل في الإنتاج على حجم الأيدى العاملة وعلى كفاية العمال في الإنتاج.
ب) علاقة العمل بالسكان :
يشهد العالم زيادة مضطردة في عدد السكان، وتدل إحصاءات السكان على زيادة عددهم في مختلف أرجاء العالم مع تفاوت في معدلات الزيادة من دولة إلى أخرى وفي الدولة الواحدة من وقت إلى وقت آخر حسب معدلات الزيادة الطبيعية وحركات الهجرة.
وترجع الزيادة في عدد السكان إلى زيادة معدل المواليد من ناحية ونقص معدل الوفيات من ناحية أخرى. فالفرق بين معدل المواليد ومعدل الوفيات يمثل معدل الزيادة الطبيعية في السكان.
ومعدل المواليد هو عدد المواليد بالنسبة لكل ألف من السكان في العام الواحد. ويختلف هذا المعدل في البلاد الزراعية عنه في البلاد الصناعية، فهو مرتفع في الأولى ومنخفض في الثانية لاختلاف بينهما في الظروف الاجتماعية والاقتصادية، فأدني معدل للمواليد يوجد في أوروبا الغربية، فقد أخذ هذا المعدل ينخفض انخفاضا سريعا في القرن الماضي (العشرين) لأسباب أهمها: الرغبة في تحديد النسل للتمكن من تربية الأبناء تربية ممتازة تمكنهم من الحصول على مراكز عالية مع الاحتفاظ بثروة كبيرة. كما أن زيادة فترة التعليم الإجباري، ووضع قيود قانونية على تشغيل الأحداث نمى لدى بعض الأوروبيين فكرة تحديد النسل خاصة بعد التوصل إلى أساليب طبية تمكن من ذلك.
أما معدل الوفيات فهو عبارة عن عدد الوفيات لكل ألف من السكان في العام الواحد. ويختلف هذا المعدل في البلاد النامية عنه في البلاد المتقدمة خصوصاً بالنسبة للأطفال فهو مرتفع في الأولى عنه في الثانية.
ومازالت مشكلة السكان من المشكلات التي يهتم بها الكتاب في الشرق والغرب على حد سواء.
وإذا كان حجم القوة العاملة يتوقف بصفة أساسية على عدد السكان، إلا أن بنيان السكان له أهمية لا تنكر في هذا المجال.
فبنيان السكان من حيث السن له أثر واضح في تحديد حجم القوة العاملة إذا علمنا أن الأطفال والشيوخ لا يساهمون بنصيب يذكر في عمليات الإنتاج.
وبنيان السكان من حيث الجنس له أيضاً أثره في تحديد القوة العاملة خاصة في البلاد التي تقيد قوانينها أو عاداتها الاجتماعية مساهمة المرآة في النشاط الاقتصادي.
ج) النظريات السكانية بشأن الزيادة السكانية:
ينظر بعض الكتاب إلى مسألة زيادة السكان نظرة تشاؤمية، بينما ينظر بعضهم الآخر إلى هذه الزيادة نظرة تفاؤلية. فمن يعتبر من الكتاب أن السكان نتيجة للظواهر الاقتصادية ينظر إلى المسألة نظرة تشاؤمية، ومن يعتبر منهم أن السكان هم سبب الظاهرة الاقتصادية فينظر إلى المسألة نظرة تفاؤلية.
1) النظريات التشاؤمية :
يعد مالتس أهم من نظر للزيادة السكانية نظرة تشاؤمية.
وتقوم نظرية مالتس التشاؤمية على الفروض الآتية :
أن عدد السكان محدود بما يمكن إنتاجه من مواد غذائية لازمة للحياة.
أن العوامل التي تضمن التوازن بين عدد السكان والمواد الغذائية قد تكون عوامل ايجابية كالأوبئة والمجاعات والحروب ، كما قد تكون عوامل وقائية تتمثل في التعفف وضبط النفس والزواج المتأخر. ويرفض مالتس استخدام الموانع الصناعية التي تحول دون النسل بعد الزواج باعتبارها موانع تحط من قيمة البشرية.
ويرى مالتس أن نسبة تزايد السكان أكبر من نسبة تزايد المواد الغذائية. فالسكان يتزايدون بمتوالية هندسية، بينما تتزايد المواد الغذائية بمتوالية عددية أو حسابية، وهذا من شأنه إظهار وجه الخطورة في مشكلة السكان لاتخاذ الإجراءات التي تحد من زيادة عدد السكان ليبقى عند حد التوازن مع المواد الغذائية تجنبا لعوامل الفتك التي تسلطها الطبيعة على البشر للمحافظة على هذا التوازن.
وتشمل الموانع الوقائية لتعدى حجم السكان للحدود الغذائية كل ما من شأنه أن يؤدى إلى انخفاض معدل المواليد، وهى تنطوي على وسائل مشروعة كتأجيل الزواج مع المحافظة على العفة، وعلى وسائل غير مشروعة كالتخلص من قابلية إنجاب الأطفال أو الإجهاض أو منع الحمل.
وتشمل الموانع الإيجابية كل ما من شأنه أن يؤدى إلى زيادة الوفيات كالحروب والأوبئة والمجاعات.
وإذا كانت الزيادة في الجنس البشرى تسير وفقاً لقانون طبيعي يتمثل في القدر المتوافر من المواد الغذائية فعلي الحكومات أن تمتنع عن تشجيع النسل حتى لا تتسلط علينا عوامل التوازن الطبيعي الجبري. والوسيلة في نظر مالتس لزيادة عدد السكان هي زيادة مواد الطعام.
ويرد مالتس قصور المواد الغذائية عن ملاحقة الزيادة السكانية إلى خضوع الزراعة لقانون الغلة المتناقصة. فزيادة عدد العمال الذي يعملون على نفس المساحة من الأرض يؤدى إلى نقص إنتاجية العمال الذين يزيدون على العدد الأمثل لاستغلال هذه المساحة. وزراعة الأرض الأقل خصوبة تحت تأثير الطلب المتزايد على مواد الغذاء بسبب زيادة السكان يؤدى أيضاً على نقص الإنتاجية.
وتعرضت نظرية مالتس لانتقادات أهمها :
أراد مالتس أن يرجع بؤس الطبقات العمالية في بداية القرن التاسع عشر إلى سوء تصرف الطبقة العاملة، وليس إلى النظام الرأسمالي الحر واستغلال الرأسماليين للعمال لذلك وجدت النظرية التقليدية بغيتها في فكر مالتس. فقد نصح أنصار هذه النظرية بالتزام العائق الأدبي الذي نادي به مالتس لإنقاذ التقدم الاقتصادي من خطر الزيادة في عدد السكان وقد ذهبوا إلى حد القول بأن زيادة الأجور لا تؤدى إلى زيادة السكان وزيادة عرض العمل، وعودة الأجور إلى مستواها المنخفض.
كذب واقع التطور الاقتصادي تنبؤات مالتس. فتطور فنون الإنتاج أدى إلى الحد من انخفاض الإنتاج الزراعي بحيث ظل كافيا للاحتفاظ بمستوى المعيشة عند مستوى مرتفع، كما أن التقدم الصناعي ساعد على ارتفاع مستوى المعيشة. والعلاقة بين المواد الغذائية وبين عدد الأولاد اتجه إلى عكس ما فترضه مالتس، فالعائلات الكبيرة أكثر شيوعا في الأوساط الفقيرة عنها في الأوساط الغنية.
2) النظرية التفاؤلية في السكان :
أما النظرية التفاؤلية في السكان فتذهب إلى أن السكان هم سبب الظواهر الاقتصادية وقوة الملوك والأمراء تتوقف على زيادة عدد السكان ودرجة رخائهم. فبعد أن اختفت هذه النظرية التفاؤلية في السكان فترة من الزمان عادة مرة أخرى للظهور في نهاية القرن التاسع عشر نظراً لما صاحب زيادة عدد السكان في أوروبا من ارتفاع في مستوى المعيشة بالتقدم في الزراعة وازدهار الصناعة وتطور وسائل المواصلات. فالتقدم في الزراعة أدى إلى إمكان الحصول على كميات أكبر من المحصول بنفس الكمية المستخدمة من العمل ن وازدهار الصناعة أدى إلى استخدام عدد كبير من العمل في هذا لفرع من فروع النشاط الاقتصادي، وتطور وسائل المواصلات أدى إلى إمكان زراعة الأراضي البعيدة.
يرى أنصار هذه النظرية (من أهم هؤلاء دوركايم – دبريل) أن زيادة عدد السكان تعد أحد العوامل التي تساعد على التخصص وتقسيم العمل ، كما يرون أن الزيادة في السكان تؤدى إلى نشوء حاجات جديدة ، وعجز الفنون الإنتاجية القائمة عن الوفاء بهذه الحاجات الجديدة يؤدى إلى التجديد والابتكار واندفاع التقدم الصناعى والاجتماعى إلى الأمام، والابتكار والتجديد هما مهمة الشباب.
ويرى بعض أنصار النظرية التفاؤلية أن نقص السكان سبب من أسباب التدهور العام وتخلف الفن الإنتاجي ، حيث يلجأ الأفراد إلى الانطواء وعدم التجديد لكفاية الطرق القديمة للوفاء باحتياجاتهم . وقد لا تكون المشكلة في زيادة السكان بقدر ما هي في سوء توزيعهم على مستوى العالم ، والتقدم العلمي والفني يمكن أن يجعل من الزيادة السكانية عنصرا فاعلاً في ازدهار النشاط الاقتصادي وتعميم الرخاء المادى.
د) كفاءة العمل في الإنتاج :
تعتبر الكفاءة الإنتاجية للعمل مؤشرا هاما يستند إليه واضعو السياسة الاقتصادية عند بحث قوة العمل في الدولة . وتعتمد هذه الكفاءة على عدة عوامل أهمها (1) مقدار الجهد المبذول (2) وتوجيه العمال في إختيار أعمالهم (3) وتعليم العمال وتدريبهم (4) والتنظيم الفني للعمل (5) ودرجة تقسيم العمل (6) والفن الإنتاجي المستخدم.
ثانياً : رأس المال :
أ) مفهوم رأس المال :
1- المفهوم القانوني :
رأس المال في العرف القانوني هو مجموعة الحقوق التي تكون لشخص على مجموعة من الأموال كحق الدائنية أو حق الملكية أو حق المساهم في شركة المساهمة فكل مساهم يملك جزءاً من رأس المال وجزءاً من الأرباح . ويتضح من ذلك أن رأس المال القانوني يستمد وجوده من تنظيم قانوني يسمح بقيام الحقوق على الأموال بطريق مباشر أو بطريق غير مباشر. ويسمح رأس المال القانوني لصاحبه الحصول على دخل بدول عمل.
2- المفهوم المحاسبي :
ورأس المال في العرف المحاسبى هو مجموع القيم النقدية لأصول المشروع مطروحاً منها حقوق الغير على هذه الأصول .
3- المفهوم الفني أو الاقتصادي :
أما رأس المال في العرف الاقتصادي فهو عبارة عن مجموعة الأموال المادية التي تستخدم في الإنتاج لزيادة إنتاجية العمل الإنساني ، أو هي الثروة التي تستخدم في إنتاج سلع أخرى. ويعبر عن هذه الثروة بمجموع السلع الموجودة في المجتمع في لحظة معينة.
ويعبر عادة عن رأس المال الاقتصادي برأس المال العينى أو الفنى. وفكرة رأس المال الفنى فكرة عامة تعرفها جميع النظم الاقتصادية. أما رأس المال القانوني فيعترف به للأفراد في النظم التي تقر حق الملكية الفردية للموارد الإنتاجية ، بينما يعترف به للجماعة في النظام الاشتراكى.
ب) التفرقة بين رأس المال والأرض :
والرأي الراجح في الفكر الاقتصادي الحديث يضم الأرض إلى رأس المال باعتبار أن الأرض سلعة رأسمالية تعطى منافع على فترات متعددة فمن الصعب في نظرهم التفرقة بين الأرض ورأس المال وهو ما يتحقق كذلك في رأس المال.
وذلك على خلاف الرأي الأخر الذي يفرق بينهما ، وهى فروق يمكن إبرازها والرد عليها على النحو التالي :-
1- فالقول بأن الأرض هبة من هبات الطبيعة ورأس المال من صنع الإنسان قول مردود بأن هذا الفارق بين الأرض ورأس المال ليس فارقاً خاصة وأن الكثير من الأراضي أعدها الإنسان للإنتاج بما أدخله عليها من تحسينات وإصلاحات، كما أن الإنسان يحتفظ بخصوبة الأراضي التي لم يستصلحها بمخصبات ساهم في إنتاجها.
2- والقول بأن الأراضي محدودة ورأس المال يمكن زيادته قول مردود بأن جميع الموارد الاقتصادية محدودة في علاقتها بحاجات الإنسان المتعددة.
3- وقانون تناقص الغلة يسرى في مجال الصناعة كما يسرى في مجال الزراعة إذا تحققت شروط انطباقه.
4- من جهة أخرى، يفرق بعض الكتاب بين الأرض ورأس المال على أساس أن الأرض لا تبلي بالاستعمال بينما تبلى السلع الرأسمالية بالاستعمال. وهذا القول صحيح إلى حد ما. فقوة الأرض تتجدد باستمرار بتنظيم استغلالها، بينما تبلى السلع الرأسمالية الثابتة مهما نظمت طريقة استعمالها ومهما أجرى عليها من عمليات صيانة وترميم. ومع ذلك يمكن القول بأن هناك المناجم، وهى تعد أرضاً في الفكر الاقتصادي ، تبلى بالاستعمال حيث تنفذ محتويات المنجم في وقت من الأوقات.
ج) أنواع رأس المال
ينقسم رأس المال إلى رأس مال ثابت ورأس مال متداول. ورأس المال الثابت هو أموال الإنتاج التي لا تفني باستخدامها مرة واحدة في العملية الإنتاجية كالمناجم والآلات والأدوات .
أما رأس المال المتداول فهو أموال الإنتاج التي تفنى باستخدامها مرة واحدة في الإنتاج كالمواد الخام والسلع نصف المصنوعة والسلع الوسيطة.
وترجع التفرقة بين رأس المال الثابت ورأس المال المتداول إلى آدم سميث حيث عرف رأس المال الثابت بأنه رأس المال الذي يعطى دخلاً بخروجه من الذمة المالية لصاحبه. فالماشية التي تخصص لاستغلال الأرض الزراعية تعتبر من عناصر رأس المال الثابت ، بينما تعتبر الماشية التي تباع في الأسواق من رأس المال المتداول. وهذا المعيار وإن صلح أساساً لإجراء تفرقه قانونية بين العقار بالتخصص وبين المنقول فإنه لا يصلح لإجراء تفرقة بين رأس المال الثابت ورأس المال المتداول.
لذلك يعتمد التحليل الاقتصادي الحديث على معايير فنية ذات طابع اقتصادي للتفرقة بين رأس المال الثابت ورأس المال المتداول. فرأس المال الثابت يستخدم في الإنتاج عدة مرات لفترة طويلة من الزمن كالآلات والمبانى. أما رأس المال المتداول فيفنى باستخدامه في الإنتاج مرة واحدة كالخدمات والوقود.
وتظهر أهمية التفرقة بين رأس المال الثابت وراس المال المتداول عند حساب نفقة الإنتاج. فالقيمة الإجمالية لرأس المال المتداول تدخل بكاملها عند حساب هذه النفقة، بينما لا يدخل فيها إلا جزء من قيمة رأس المال الثابت يقدر على أساس المدة التي يتوقع بقاء الأصل خلالها في الإنتاج. وهذا الجزء يعرف بقسط استهلاك رأس المال الثابت.
ويفرق ماركس بين رأس المال الثابت و رأس المال المتغير. فهو يرى أن رأس المال الثابت يمثل المبالغ التي تنفق لشراء الأرض والمباني والآلات والمواد الأولية وينقسم إلى رأس مال ثابت مستمر مثل الآلات والسلع نصف المصنوعة. أما رأس المال المتغير فهو القيمة النقدية لقوى العمل التي يستخدمها الرأسمالي في الإنتاج أي الأجور .
د) تكوين رأس المال:
يعد رأس المال ركيزة أساسية لزيادة الإنتاج ورفع مستوى المعيشة وتحقيق التقدم الاقتصادي . فقوة الأمم في العصر الحديث تقاس بما لديها من إمكانيات إنتاجية وقد أدت الاختراعات التي تعقد طرق الإنتاج والاستغناء عن الطرق البدائية . فالصناعة في الدول المتقدمة تقوم على جهاز إنتاجي متطور يعتمد بصفة أساسية على الآلات الكبيرة.
و رأس المال عبارة عن سلع ينتجها الأفراد ولا يقومون باستهلاكها مباشرة ، بل يحتفظون بها لاستخدامها في إنتاج مزيد من السلع.
ولو أن الأفراد الذين يقومون بإنتاج السلع الاستهلاكية يستهلكون كل ما ينتجون لما أمكن لأفراد آخرين أن يتخصصوا في إنتاج السلع الإنتاجية حيث لا يتبقى لهم من سلع الاستهلاك ما يشبع حاجاتهم المباشرة.
ومن ذلك يتضح أن تكوين رأس المال يتطلب الإمتناع عن استهلاك جزء من الإنتاج وتحويله إلى أصول رأسمالية ، فالدخل القومي ينقسم إلى قسمين : قسم يوجه إلى الاستهلاك وقسم يضاف إلى رأس المال الثابت والمتداول والادخار هو مصدر رأس المال.
فالادخار القومي هو الجزء الذي لم يستهلك من الدخل القومي، والادخار الفردى هو الجزء الذي لم يستهلك من دخل الفرد.
والادخار القومي يتكون من : ادخار القطاع العائلي + ادخار القطاع الحكومى + ادخار قطاع الأعمال .
وهو يساوى الدخل القومي – الاستهلاك القومي .
ه) دور الدولة في تكوين الادخار :
قد يكون الادخار اختياريا يقوم به الأفراد من تلقاء أنفسهم، وقد يكون إجباريا تقوم به الدولة ومؤسساتها العامة . وقد زادت أهمية الادخار الإجباري في الوقت الحاضر بعد تعدد وظائف الدولة واتساع نشاطها في الحياة الاستهلاكية والاجتماعية. ويمكن للدولة باعتبارها السلطة العامة أن تحقق ادخارا إجباريا بعدة طرق منها:
1- فائض الميزانية والأرباح المحجوزة :
ويمثل فائض الميزانية العامة الفرق بين الإيرادات العامة والنفقات العامة . فزيادة حصيلة الإيرادات العامة عما يلزم لتغطية النفقات العامة الجارية يؤدى إلى وجود فائض . وهذا الفائض يعد ادخارا إجباريا. أما الأرباح المحجوزة فهى الأرباح التي تقرر المشروعات العامة عدم توزيعها في صورة دخول للأفراد. وهذا البند من أهم مصادر تمويل الاستثمارات في الدول التي يحتل فيها القطاع العام أهمية متزايدة.
2- إعادة توزيع الدخل :
تمثل الطبقة الغنية أهم مصدر للادخار لانخفاض ميلها للاستهلاك ولذلك تزداد المدخرات في حالة وجود طبقة غنية تتحكم في جزء كبير من الدخل القومي ، وتعمل الدولة في العصر الحديث على إعادة توزيع الدخل لصالح الطبقات الفقيرة عن طريق الضرائب التصاعدية . وتعتبر الضرائب التصاعدية صورة من صور الادخار الإجبارى.
3- الاقتطاع من دخول الأفراد :
يمكن للدولة أن تجبر الأفراد على ادخار جزء من دخولهم بحملهم على تقليل الاستهلاك وتلجأ الدولة في ذلك إلى عدة طريق منها: اقتطاع جزء من الدخول الدورية للعاملين في صورة أقساط تأمين أو لدفع معاشات لهم في المستقبل وإصدار قروض عامة تحيطها الدولة بإجراءات تجبر المواطنين على الاكتتاب فيها ، وفرض الضرائب المباشرة وغير المباشرة والإصدار النقدى الجديد الذي يؤدى إلى رفع الأسعار فتنخفض القوة الشرائية للنقود وينخفض الدخل الحقيقى للأفراد بمقدار الزيادة في الأسعار.
4- تشجيع الادخار الاختياري :
وتتدخل الدولة في تكوين الادخار بتشجيع المواطنين عليه وذلك بتطوير الأوعية الادخارية والأجهزة المصرفية ، ورفع سعر الفائدة.
ويختلف تكوين رأس المال في الدول الاشتراكية عنه في الدول الرأسمالية . ففي الدول الاشتراكية يخضع حجم التكوين الرأسمالي ، كما يخضع توزيعه بين الفروع المختلفة للنشاط الاقتصادي ، لقرارات السلطة المركزية للتخطيط. ويعتبر الادخار العام هو المصدر الرئيسي لتمويل الاستثمارات . وتتمثل أهم مصادر التمويل في الدول الاشتراكية في ادخار الميزانية ، وادخار المؤسسات العامة والمزارع الجماعية.
ثالثا : المنظم :
أضاف مارشال إلى عوامل الإنتاج التقليدية عاملا رابعا هو التنظيم . ويتولي مسئولية تنظيم الإنتاج شخص طبيعى أو معنوى يعرف بالمنظم . وتتمثل جوهر وظيفة المنظم في التوفيق بين عناصر الإنتاج في ضوء التنبؤات التي يجريها عن اتجاهات الطلب على منتجاته متحملا كل المخاطر التي ترتب على هذه التنبؤات .
فالمنظم Entrepreneur إذن هو الشخص الذي يقوم بتنظيم عوامل الإنتاج ( الأرض – الأيدى العاملة – رأس المال ) وذلك لإنتاج السلع والخدمات . وهو يقوم بهذا العمل عادة توقعا لحجم الطلب وقدرا من الربح . فالمنظم مفهوم اساسى في علم الاقتصاد السياسى لكونه الشخص الذي يخطط ويتحمل المخاطر . ويعتقد كثيرون من علماء الاقتصاد السياسى أنه يشكل عاملا رابعا في الإنتاج يسمى المؤسسة أو المشروع Enterprise وهو عامل لا تقوم أي فاعليه للعوامل الثلاثة الأخرى (الأرض – الأيدى العاملة – رأس المال) من غير وجوده .
هذا ، ويثير المنظم كعامل من عوامل الإنتاج مشكلات عديدة نذكر منها
1) كيفية التأليف بين عوامل الإنتاج المختلفة، وما يرتبط بها من مسألة قوانين الغلة (الناتج الكلي – الناتج الحدي – الناتج المتوسط).
2) ما يحققه الإنتاج من وفورات سواء كانت وفورات خارجية أو وفورات داخلية .
3) الشكل القانوني المختار للمشروع أو للمنشأة . ومشكلة الاختيار بين المنشأة الفردية وأشكال شركات الأشخاص (شركات التضامن – شركات التوصية البسيطة) وأشكال شركات الأموال (شركات المساهمة – شركات التوصية بالأسهم – الشركات ذات المسئولية المحدودة) .
4) كما تثير المشروعات مشكلة الاختيار بين المشروع العام والمشروع الخاص . أو بعبارة أخرى الاختيار بين النظام الرأسمالي وسيادة القطاع الخاص ، والنظام الاشتراكي وسيادة القطاع العام. مع الأخذ في الإعتبار ما يسمي بالمشروعات التعاونية سواء في المجال الزراعي أو الإنتاجي أو الاستهلاكي وأشكال أخرى من التعاونيات.
5) وأخيراً ، يظهر شكل آخر من الأشكال القانونية للمشروع أو للمنظم وهو شكل التعاونيات سواء كانت زراعية أو إنتاجية أو استهلاكية أو تعمل في أي قطاع آخر .
تتنوع عوامل الإنتاج فهناك عامل الأرض، والعمل ورأس المال والتنظيم. وأن كان البعض ينتقد هذا التقسيم الرباعي لعوامل الإنتاج. وذلك للأسباب التالية :
عدم التجانس في كل عامل من عوامل الإنتاج، فالعمل ليس نوعاً واحداً، والأرض ليست على درجة واحدة من الخصوبة، ورأس المال لا يتضمن نوعاً واحداً من الآلات والأدوات.
صعوبة التفرقة بين الأرض ورأس المال.
عدم وجود فارق جوهرى بين العمل والتنظيم.
ويضم الفقه الحديث الأرض إلى رأس المال. وهكذا يكون تقسيم عوامل الإنتاج ثلاثياً (العمل – رأس المال – التنظيم) وقد أضيف العامل الأخير لإبراز أهمية دور المنظم في العملية الإنتاجية.
أولاً : العمل :
أ) المقصود بالعمل كعامل إنتاجي :
يقصد بالعمل في هذا المقام العمل الإنساني الذي يمثل جهدا بشريا عضليا أو ذهنيا فلا يدخل فيه عمل الآلات. ويتوقف دور العمل في الإنتاج على حجم الأيدى العاملة وعلى كفاية العمال في الإنتاج.
ب) علاقة العمل بالسكان :
يشهد العالم زيادة مضطردة في عدد السكان، وتدل إحصاءات السكان على زيادة عددهم في مختلف أرجاء العالم مع تفاوت في معدلات الزيادة من دولة إلى أخرى وفي الدولة الواحدة من وقت إلى وقت آخر حسب معدلات الزيادة الطبيعية وحركات الهجرة.
وترجع الزيادة في عدد السكان إلى زيادة معدل المواليد من ناحية ونقص معدل الوفيات من ناحية أخرى. فالفرق بين معدل المواليد ومعدل الوفيات يمثل معدل الزيادة الطبيعية في السكان.
ومعدل المواليد هو عدد المواليد بالنسبة لكل ألف من السكان في العام الواحد. ويختلف هذا المعدل في البلاد الزراعية عنه في البلاد الصناعية، فهو مرتفع في الأولى ومنخفض في الثانية لاختلاف بينهما في الظروف الاجتماعية والاقتصادية، فأدني معدل للمواليد يوجد في أوروبا الغربية، فقد أخذ هذا المعدل ينخفض انخفاضا سريعا في القرن الماضي (العشرين) لأسباب أهمها: الرغبة في تحديد النسل للتمكن من تربية الأبناء تربية ممتازة تمكنهم من الحصول على مراكز عالية مع الاحتفاظ بثروة كبيرة. كما أن زيادة فترة التعليم الإجباري، ووضع قيود قانونية على تشغيل الأحداث نمى لدى بعض الأوروبيين فكرة تحديد النسل خاصة بعد التوصل إلى أساليب طبية تمكن من ذلك.
أما معدل الوفيات فهو عبارة عن عدد الوفيات لكل ألف من السكان في العام الواحد. ويختلف هذا المعدل في البلاد النامية عنه في البلاد المتقدمة خصوصاً بالنسبة للأطفال فهو مرتفع في الأولى عنه في الثانية.
ومازالت مشكلة السكان من المشكلات التي يهتم بها الكتاب في الشرق والغرب على حد سواء.
وإذا كان حجم القوة العاملة يتوقف بصفة أساسية على عدد السكان، إلا أن بنيان السكان له أهمية لا تنكر في هذا المجال.
فبنيان السكان من حيث السن له أثر واضح في تحديد حجم القوة العاملة إذا علمنا أن الأطفال والشيوخ لا يساهمون بنصيب يذكر في عمليات الإنتاج.
وبنيان السكان من حيث الجنس له أيضاً أثره في تحديد القوة العاملة خاصة في البلاد التي تقيد قوانينها أو عاداتها الاجتماعية مساهمة المرآة في النشاط الاقتصادي.
ج) النظريات السكانية بشأن الزيادة السكانية:
ينظر بعض الكتاب إلى مسألة زيادة السكان نظرة تشاؤمية، بينما ينظر بعضهم الآخر إلى هذه الزيادة نظرة تفاؤلية. فمن يعتبر من الكتاب أن السكان نتيجة للظواهر الاقتصادية ينظر إلى المسألة نظرة تشاؤمية، ومن يعتبر منهم أن السكان هم سبب الظاهرة الاقتصادية فينظر إلى المسألة نظرة تفاؤلية.
1) النظريات التشاؤمية :
يعد مالتس أهم من نظر للزيادة السكانية نظرة تشاؤمية.
وتقوم نظرية مالتس التشاؤمية على الفروض الآتية :
أن عدد السكان محدود بما يمكن إنتاجه من مواد غذائية لازمة للحياة.
أن العوامل التي تضمن التوازن بين عدد السكان والمواد الغذائية قد تكون عوامل ايجابية كالأوبئة والمجاعات والحروب ، كما قد تكون عوامل وقائية تتمثل في التعفف وضبط النفس والزواج المتأخر. ويرفض مالتس استخدام الموانع الصناعية التي تحول دون النسل بعد الزواج باعتبارها موانع تحط من قيمة البشرية.
ويرى مالتس أن نسبة تزايد السكان أكبر من نسبة تزايد المواد الغذائية. فالسكان يتزايدون بمتوالية هندسية، بينما تتزايد المواد الغذائية بمتوالية عددية أو حسابية، وهذا من شأنه إظهار وجه الخطورة في مشكلة السكان لاتخاذ الإجراءات التي تحد من زيادة عدد السكان ليبقى عند حد التوازن مع المواد الغذائية تجنبا لعوامل الفتك التي تسلطها الطبيعة على البشر للمحافظة على هذا التوازن.
وتشمل الموانع الوقائية لتعدى حجم السكان للحدود الغذائية كل ما من شأنه أن يؤدى إلى انخفاض معدل المواليد، وهى تنطوي على وسائل مشروعة كتأجيل الزواج مع المحافظة على العفة، وعلى وسائل غير مشروعة كالتخلص من قابلية إنجاب الأطفال أو الإجهاض أو منع الحمل.
وتشمل الموانع الإيجابية كل ما من شأنه أن يؤدى إلى زيادة الوفيات كالحروب والأوبئة والمجاعات.
وإذا كانت الزيادة في الجنس البشرى تسير وفقاً لقانون طبيعي يتمثل في القدر المتوافر من المواد الغذائية فعلي الحكومات أن تمتنع عن تشجيع النسل حتى لا تتسلط علينا عوامل التوازن الطبيعي الجبري. والوسيلة في نظر مالتس لزيادة عدد السكان هي زيادة مواد الطعام.
ويرد مالتس قصور المواد الغذائية عن ملاحقة الزيادة السكانية إلى خضوع الزراعة لقانون الغلة المتناقصة. فزيادة عدد العمال الذي يعملون على نفس المساحة من الأرض يؤدى إلى نقص إنتاجية العمال الذين يزيدون على العدد الأمثل لاستغلال هذه المساحة. وزراعة الأرض الأقل خصوبة تحت تأثير الطلب المتزايد على مواد الغذاء بسبب زيادة السكان يؤدى أيضاً على نقص الإنتاجية.
وتعرضت نظرية مالتس لانتقادات أهمها :
أراد مالتس أن يرجع بؤس الطبقات العمالية في بداية القرن التاسع عشر إلى سوء تصرف الطبقة العاملة، وليس إلى النظام الرأسمالي الحر واستغلال الرأسماليين للعمال لذلك وجدت النظرية التقليدية بغيتها في فكر مالتس. فقد نصح أنصار هذه النظرية بالتزام العائق الأدبي الذي نادي به مالتس لإنقاذ التقدم الاقتصادي من خطر الزيادة في عدد السكان وقد ذهبوا إلى حد القول بأن زيادة الأجور لا تؤدى إلى زيادة السكان وزيادة عرض العمل، وعودة الأجور إلى مستواها المنخفض.
كذب واقع التطور الاقتصادي تنبؤات مالتس. فتطور فنون الإنتاج أدى إلى الحد من انخفاض الإنتاج الزراعي بحيث ظل كافيا للاحتفاظ بمستوى المعيشة عند مستوى مرتفع، كما أن التقدم الصناعي ساعد على ارتفاع مستوى المعيشة. والعلاقة بين المواد الغذائية وبين عدد الأولاد اتجه إلى عكس ما فترضه مالتس، فالعائلات الكبيرة أكثر شيوعا في الأوساط الفقيرة عنها في الأوساط الغنية.
2) النظرية التفاؤلية في السكان :
أما النظرية التفاؤلية في السكان فتذهب إلى أن السكان هم سبب الظواهر الاقتصادية وقوة الملوك والأمراء تتوقف على زيادة عدد السكان ودرجة رخائهم. فبعد أن اختفت هذه النظرية التفاؤلية في السكان فترة من الزمان عادة مرة أخرى للظهور في نهاية القرن التاسع عشر نظراً لما صاحب زيادة عدد السكان في أوروبا من ارتفاع في مستوى المعيشة بالتقدم في الزراعة وازدهار الصناعة وتطور وسائل المواصلات. فالتقدم في الزراعة أدى إلى إمكان الحصول على كميات أكبر من المحصول بنفس الكمية المستخدمة من العمل ن وازدهار الصناعة أدى إلى استخدام عدد كبير من العمل في هذا لفرع من فروع النشاط الاقتصادي، وتطور وسائل المواصلات أدى إلى إمكان زراعة الأراضي البعيدة.
يرى أنصار هذه النظرية (من أهم هؤلاء دوركايم – دبريل) أن زيادة عدد السكان تعد أحد العوامل التي تساعد على التخصص وتقسيم العمل ، كما يرون أن الزيادة في السكان تؤدى إلى نشوء حاجات جديدة ، وعجز الفنون الإنتاجية القائمة عن الوفاء بهذه الحاجات الجديدة يؤدى إلى التجديد والابتكار واندفاع التقدم الصناعى والاجتماعى إلى الأمام، والابتكار والتجديد هما مهمة الشباب.
ويرى بعض أنصار النظرية التفاؤلية أن نقص السكان سبب من أسباب التدهور العام وتخلف الفن الإنتاجي ، حيث يلجأ الأفراد إلى الانطواء وعدم التجديد لكفاية الطرق القديمة للوفاء باحتياجاتهم . وقد لا تكون المشكلة في زيادة السكان بقدر ما هي في سوء توزيعهم على مستوى العالم ، والتقدم العلمي والفني يمكن أن يجعل من الزيادة السكانية عنصرا فاعلاً في ازدهار النشاط الاقتصادي وتعميم الرخاء المادى.
د) كفاءة العمل في الإنتاج :
تعتبر الكفاءة الإنتاجية للعمل مؤشرا هاما يستند إليه واضعو السياسة الاقتصادية عند بحث قوة العمل في الدولة . وتعتمد هذه الكفاءة على عدة عوامل أهمها (1) مقدار الجهد المبذول (2) وتوجيه العمال في إختيار أعمالهم (3) وتعليم العمال وتدريبهم (4) والتنظيم الفني للعمل (5) ودرجة تقسيم العمل (6) والفن الإنتاجي المستخدم.
ثانياً : رأس المال :
أ) مفهوم رأس المال :
1- المفهوم القانوني :
رأس المال في العرف القانوني هو مجموعة الحقوق التي تكون لشخص على مجموعة من الأموال كحق الدائنية أو حق الملكية أو حق المساهم في شركة المساهمة فكل مساهم يملك جزءاً من رأس المال وجزءاً من الأرباح . ويتضح من ذلك أن رأس المال القانوني يستمد وجوده من تنظيم قانوني يسمح بقيام الحقوق على الأموال بطريق مباشر أو بطريق غير مباشر. ويسمح رأس المال القانوني لصاحبه الحصول على دخل بدول عمل.
2- المفهوم المحاسبي :
ورأس المال في العرف المحاسبى هو مجموع القيم النقدية لأصول المشروع مطروحاً منها حقوق الغير على هذه الأصول .
3- المفهوم الفني أو الاقتصادي :
أما رأس المال في العرف الاقتصادي فهو عبارة عن مجموعة الأموال المادية التي تستخدم في الإنتاج لزيادة إنتاجية العمل الإنساني ، أو هي الثروة التي تستخدم في إنتاج سلع أخرى. ويعبر عن هذه الثروة بمجموع السلع الموجودة في المجتمع في لحظة معينة.
ويعبر عادة عن رأس المال الاقتصادي برأس المال العينى أو الفنى. وفكرة رأس المال الفنى فكرة عامة تعرفها جميع النظم الاقتصادية. أما رأس المال القانوني فيعترف به للأفراد في النظم التي تقر حق الملكية الفردية للموارد الإنتاجية ، بينما يعترف به للجماعة في النظام الاشتراكى.
ب) التفرقة بين رأس المال والأرض :
والرأي الراجح في الفكر الاقتصادي الحديث يضم الأرض إلى رأس المال باعتبار أن الأرض سلعة رأسمالية تعطى منافع على فترات متعددة فمن الصعب في نظرهم التفرقة بين الأرض ورأس المال وهو ما يتحقق كذلك في رأس المال.
وذلك على خلاف الرأي الأخر الذي يفرق بينهما ، وهى فروق يمكن إبرازها والرد عليها على النحو التالي :-
1- فالقول بأن الأرض هبة من هبات الطبيعة ورأس المال من صنع الإنسان قول مردود بأن هذا الفارق بين الأرض ورأس المال ليس فارقاً خاصة وأن الكثير من الأراضي أعدها الإنسان للإنتاج بما أدخله عليها من تحسينات وإصلاحات، كما أن الإنسان يحتفظ بخصوبة الأراضي التي لم يستصلحها بمخصبات ساهم في إنتاجها.
2- والقول بأن الأراضي محدودة ورأس المال يمكن زيادته قول مردود بأن جميع الموارد الاقتصادية محدودة في علاقتها بحاجات الإنسان المتعددة.
3- وقانون تناقص الغلة يسرى في مجال الصناعة كما يسرى في مجال الزراعة إذا تحققت شروط انطباقه.
4- من جهة أخرى، يفرق بعض الكتاب بين الأرض ورأس المال على أساس أن الأرض لا تبلي بالاستعمال بينما تبلى السلع الرأسمالية بالاستعمال. وهذا القول صحيح إلى حد ما. فقوة الأرض تتجدد باستمرار بتنظيم استغلالها، بينما تبلى السلع الرأسمالية الثابتة مهما نظمت طريقة استعمالها ومهما أجرى عليها من عمليات صيانة وترميم. ومع ذلك يمكن القول بأن هناك المناجم، وهى تعد أرضاً في الفكر الاقتصادي ، تبلى بالاستعمال حيث تنفذ محتويات المنجم في وقت من الأوقات.
ج) أنواع رأس المال
ينقسم رأس المال إلى رأس مال ثابت ورأس مال متداول. ورأس المال الثابت هو أموال الإنتاج التي لا تفني باستخدامها مرة واحدة في العملية الإنتاجية كالمناجم والآلات والأدوات .
أما رأس المال المتداول فهو أموال الإنتاج التي تفنى باستخدامها مرة واحدة في الإنتاج كالمواد الخام والسلع نصف المصنوعة والسلع الوسيطة.
وترجع التفرقة بين رأس المال الثابت ورأس المال المتداول إلى آدم سميث حيث عرف رأس المال الثابت بأنه رأس المال الذي يعطى دخلاً بخروجه من الذمة المالية لصاحبه. فالماشية التي تخصص لاستغلال الأرض الزراعية تعتبر من عناصر رأس المال الثابت ، بينما تعتبر الماشية التي تباع في الأسواق من رأس المال المتداول. وهذا المعيار وإن صلح أساساً لإجراء تفرقه قانونية بين العقار بالتخصص وبين المنقول فإنه لا يصلح لإجراء تفرقة بين رأس المال الثابت ورأس المال المتداول.
لذلك يعتمد التحليل الاقتصادي الحديث على معايير فنية ذات طابع اقتصادي للتفرقة بين رأس المال الثابت ورأس المال المتداول. فرأس المال الثابت يستخدم في الإنتاج عدة مرات لفترة طويلة من الزمن كالآلات والمبانى. أما رأس المال المتداول فيفنى باستخدامه في الإنتاج مرة واحدة كالخدمات والوقود.
وتظهر أهمية التفرقة بين رأس المال الثابت وراس المال المتداول عند حساب نفقة الإنتاج. فالقيمة الإجمالية لرأس المال المتداول تدخل بكاملها عند حساب هذه النفقة، بينما لا يدخل فيها إلا جزء من قيمة رأس المال الثابت يقدر على أساس المدة التي يتوقع بقاء الأصل خلالها في الإنتاج. وهذا الجزء يعرف بقسط استهلاك رأس المال الثابت.
ويفرق ماركس بين رأس المال الثابت و رأس المال المتغير. فهو يرى أن رأس المال الثابت يمثل المبالغ التي تنفق لشراء الأرض والمباني والآلات والمواد الأولية وينقسم إلى رأس مال ثابت مستمر مثل الآلات والسلع نصف المصنوعة. أما رأس المال المتغير فهو القيمة النقدية لقوى العمل التي يستخدمها الرأسمالي في الإنتاج أي الأجور .
د) تكوين رأس المال:
يعد رأس المال ركيزة أساسية لزيادة الإنتاج ورفع مستوى المعيشة وتحقيق التقدم الاقتصادي . فقوة الأمم في العصر الحديث تقاس بما لديها من إمكانيات إنتاجية وقد أدت الاختراعات التي تعقد طرق الإنتاج والاستغناء عن الطرق البدائية . فالصناعة في الدول المتقدمة تقوم على جهاز إنتاجي متطور يعتمد بصفة أساسية على الآلات الكبيرة.
و رأس المال عبارة عن سلع ينتجها الأفراد ولا يقومون باستهلاكها مباشرة ، بل يحتفظون بها لاستخدامها في إنتاج مزيد من السلع.
ولو أن الأفراد الذين يقومون بإنتاج السلع الاستهلاكية يستهلكون كل ما ينتجون لما أمكن لأفراد آخرين أن يتخصصوا في إنتاج السلع الإنتاجية حيث لا يتبقى لهم من سلع الاستهلاك ما يشبع حاجاتهم المباشرة.
ومن ذلك يتضح أن تكوين رأس المال يتطلب الإمتناع عن استهلاك جزء من الإنتاج وتحويله إلى أصول رأسمالية ، فالدخل القومي ينقسم إلى قسمين : قسم يوجه إلى الاستهلاك وقسم يضاف إلى رأس المال الثابت والمتداول والادخار هو مصدر رأس المال.
فالادخار القومي هو الجزء الذي لم يستهلك من الدخل القومي، والادخار الفردى هو الجزء الذي لم يستهلك من دخل الفرد.
والادخار القومي يتكون من : ادخار القطاع العائلي + ادخار القطاع الحكومى + ادخار قطاع الأعمال .
وهو يساوى الدخل القومي – الاستهلاك القومي .
ه) دور الدولة في تكوين الادخار :
قد يكون الادخار اختياريا يقوم به الأفراد من تلقاء أنفسهم، وقد يكون إجباريا تقوم به الدولة ومؤسساتها العامة . وقد زادت أهمية الادخار الإجباري في الوقت الحاضر بعد تعدد وظائف الدولة واتساع نشاطها في الحياة الاستهلاكية والاجتماعية. ويمكن للدولة باعتبارها السلطة العامة أن تحقق ادخارا إجباريا بعدة طرق منها:
1- فائض الميزانية والأرباح المحجوزة :
ويمثل فائض الميزانية العامة الفرق بين الإيرادات العامة والنفقات العامة . فزيادة حصيلة الإيرادات العامة عما يلزم لتغطية النفقات العامة الجارية يؤدى إلى وجود فائض . وهذا الفائض يعد ادخارا إجباريا. أما الأرباح المحجوزة فهى الأرباح التي تقرر المشروعات العامة عدم توزيعها في صورة دخول للأفراد. وهذا البند من أهم مصادر تمويل الاستثمارات في الدول التي يحتل فيها القطاع العام أهمية متزايدة.
2- إعادة توزيع الدخل :
تمثل الطبقة الغنية أهم مصدر للادخار لانخفاض ميلها للاستهلاك ولذلك تزداد المدخرات في حالة وجود طبقة غنية تتحكم في جزء كبير من الدخل القومي ، وتعمل الدولة في العصر الحديث على إعادة توزيع الدخل لصالح الطبقات الفقيرة عن طريق الضرائب التصاعدية . وتعتبر الضرائب التصاعدية صورة من صور الادخار الإجبارى.
3- الاقتطاع من دخول الأفراد :
يمكن للدولة أن تجبر الأفراد على ادخار جزء من دخولهم بحملهم على تقليل الاستهلاك وتلجأ الدولة في ذلك إلى عدة طريق منها: اقتطاع جزء من الدخول الدورية للعاملين في صورة أقساط تأمين أو لدفع معاشات لهم في المستقبل وإصدار قروض عامة تحيطها الدولة بإجراءات تجبر المواطنين على الاكتتاب فيها ، وفرض الضرائب المباشرة وغير المباشرة والإصدار النقدى الجديد الذي يؤدى إلى رفع الأسعار فتنخفض القوة الشرائية للنقود وينخفض الدخل الحقيقى للأفراد بمقدار الزيادة في الأسعار.
4- تشجيع الادخار الاختياري :
وتتدخل الدولة في تكوين الادخار بتشجيع المواطنين عليه وذلك بتطوير الأوعية الادخارية والأجهزة المصرفية ، ورفع سعر الفائدة.
ويختلف تكوين رأس المال في الدول الاشتراكية عنه في الدول الرأسمالية . ففي الدول الاشتراكية يخضع حجم التكوين الرأسمالي ، كما يخضع توزيعه بين الفروع المختلفة للنشاط الاقتصادي ، لقرارات السلطة المركزية للتخطيط. ويعتبر الادخار العام هو المصدر الرئيسي لتمويل الاستثمارات . وتتمثل أهم مصادر التمويل في الدول الاشتراكية في ادخار الميزانية ، وادخار المؤسسات العامة والمزارع الجماعية.
ثالثا : المنظم :
أضاف مارشال إلى عوامل الإنتاج التقليدية عاملا رابعا هو التنظيم . ويتولي مسئولية تنظيم الإنتاج شخص طبيعى أو معنوى يعرف بالمنظم . وتتمثل جوهر وظيفة المنظم في التوفيق بين عناصر الإنتاج في ضوء التنبؤات التي يجريها عن اتجاهات الطلب على منتجاته متحملا كل المخاطر التي ترتب على هذه التنبؤات .
فالمنظم Entrepreneur إذن هو الشخص الذي يقوم بتنظيم عوامل الإنتاج ( الأرض – الأيدى العاملة – رأس المال ) وذلك لإنتاج السلع والخدمات . وهو يقوم بهذا العمل عادة توقعا لحجم الطلب وقدرا من الربح . فالمنظم مفهوم اساسى في علم الاقتصاد السياسى لكونه الشخص الذي يخطط ويتحمل المخاطر . ويعتقد كثيرون من علماء الاقتصاد السياسى أنه يشكل عاملا رابعا في الإنتاج يسمى المؤسسة أو المشروع Enterprise وهو عامل لا تقوم أي فاعليه للعوامل الثلاثة الأخرى (الأرض – الأيدى العاملة – رأس المال) من غير وجوده .
هذا ، ويثير المنظم كعامل من عوامل الإنتاج مشكلات عديدة نذكر منها
1) كيفية التأليف بين عوامل الإنتاج المختلفة، وما يرتبط بها من مسألة قوانين الغلة (الناتج الكلي – الناتج الحدي – الناتج المتوسط).
2) ما يحققه الإنتاج من وفورات سواء كانت وفورات خارجية أو وفورات داخلية .
3) الشكل القانوني المختار للمشروع أو للمنشأة . ومشكلة الاختيار بين المنشأة الفردية وأشكال شركات الأشخاص (شركات التضامن – شركات التوصية البسيطة) وأشكال شركات الأموال (شركات المساهمة – شركات التوصية بالأسهم – الشركات ذات المسئولية المحدودة) .
4) كما تثير المشروعات مشكلة الاختيار بين المشروع العام والمشروع الخاص . أو بعبارة أخرى الاختيار بين النظام الرأسمالي وسيادة القطاع الخاص ، والنظام الاشتراكي وسيادة القطاع العام. مع الأخذ في الإعتبار ما يسمي بالمشروعات التعاونية سواء في المجال الزراعي أو الإنتاجي أو الاستهلاكي وأشكال أخرى من التعاونيات.
5) وأخيراً ، يظهر شكل آخر من الأشكال القانونية للمشروع أو للمنظم وهو شكل التعاونيات سواء كانت زراعية أو إنتاجية أو استهلاكية أو تعمل في أي قطاع آخر .
algerianlawyer- عضو نشط
- المساهمات : 195
تاريخ التسجيل : 10/10/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى